إن السنن الربانية ثابتة في الكون، وتقع على الإنسان في كل زمان ومكان، وسنة التدافع من السنن التي تتعلق بالتمكين تعلقًا وثيقًا.. ولقد شاء الله رب العالمين أن يُجرى أمر هذا الدين - بل أمر هذا الكون - على السنن الجارية، لا على السنن الخارقة وذلك حتى لا يأتي جيل من أجيال المسلمين فيتقاعس، ويقول: لقد نصر الأولون بالخوارق، ولم تعد الخوارق تنزل بعد ختم الرسالة، وانقطاع النبوات (١).
وعلى المسلمين أن يدركوا سنن ربهم المبرزة لهم في كتاب الله تعالى وفي سنة
رسوله - ﷺ - حتى يصلوا إلى ما يرجون من عزة وتمكين «فإن التمكين لا يأتي عفوًا، ولا ينزل اعتباطًا ولا يخبط خبط عشواء؛ بل إن له قوانينه التي سجلها الله تعالى في كتابه الكريم ليعرفها عباده المؤمنون، ويتعاملوا معها على بصيرة» (٢).
إن الوقوف على معرفة سنن الله ودراستها أمر لا بد منه للأمة الإسلامية وذلك حتى يستفيدوا منها، ولا يصطدموا بها.
يقول حسن البنا: «لا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة، ولكن غالبوها، واستخدموها، وحولوا تيارها، واستعينوا ببعضها على بعض» (٣).
إن سنة التدافع متعلقة بالتمكين تعلقًا وطيدًا «فالله تعالى يعلم أن الشر متبجح، ولا يمكن أن يكون منصفًا، ولا يمكن أن يدع الخير ينمو - مهما يسلك هذا الخير من طرق سلمية موادعة - فإذا مجرد نمو الخير يحمل الخطورة على الشر، ومجرد وجود الحق يحمل الخطر على الباطل، ولا بد أن يجنح الشر إلى العدوان، ولا بد أن يدافع الباطل عن نفسه بمحاولة قتل الحق وخنقه بالقوة... فمن هنا يقع التدافع بين الحق وأهله، والباطل وحزبه، وتلك سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلاً» (٤).
«وهي سنة فطرية جارية بين الناس حفظًا لاستقامة حال العيش، واعتدالاً

(١) واقعنا المعاصر، ص٤١٤.
(٢) جيل النصر المنشود، د. يوسف القرضاوي، ص١٥.
(٣) الرسائل لحسن البنا، ص١٦١.
(٤) في ظلال القرآن (٢/٧٤٢).


الصفحة التالية
Icon