٧- من المفاسد التي تترتب على المشاركة أن بعض الحكام قد يتخذون من يستوزرونهم من المسلمين الصالحين زينة يحلون بها حكمهم، ويدلسون بذلك على السذج والعوام، فيقولون: لو كنا على الباطل لما قبل فلان مشاركتنا في الحكم، ويزداد الطين بلة عندما يمررون من خلال الوزير المسلم القوانين الجائرة الظالمة وبعد أن يحققوا من ورائه أهدافهم ينبذونه نبذة النواة.
٨- وفي المشاركة في الحكم ركون إلى الذين ظلموا، وقد حذرنا الحق من الركون إليهم: ﴿وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ [هود: ١١٣].
٩- وقد يكون في المشاركة في الحكم إطالة لعمر هذا النمط من الحكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله في بعض الأحيان (١).
ثانيًا: أدلة القائلين بالجواز:
قالوا: إن الأصل عدم جواز المشاركة ولكن هناك حالات استثنائية أباحت الشريعة فيها المشاركة، واستدلوا بأدلة من أهمها دخول يوسف عليه السلام في الوزارة:
١- إن يوسف عليه السلام تولى المنصب الذي تولاه بإذن الملك وإرادته، يدلنا
على ذلك طلب يوسف عليه السلام من الملك أن يوليه: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ﴾ [يوسف: ٥٥].
فالنص صريح في الدلالة على أن الملك هو الذي يملك التولية، والنص صريح أيضًا في أن يوسف عليه السلام قد طلب منصبًا في دولة الملك، ولم يطلب أن يعزل الملك نفسه ولم يكن ذلك الطلب لنفسه.
قال سيد قطب - رحمه الله-: (لم يكن يوسف يطلب لشخصه، وهو يرى إقبال الملك عليه، فيطلب أن يجعله على خزائن الأرض، إنما كان حصيفًا في اختيار اللحظة التي يستجاب له فيها لينهض بالواجب المرهق الثقيل ذي التبعية الضخمة في أشدّ أوقات الأزمة، وليكون مسئولاً عن إطعام شعب كامل) (٢).
(٢) في ظلال القرآن (١٢/٢٠٠٥).