الوجه الثالث: والنصوص التي ذكرت تدل على أن هذا الحكم ليس خاصًا بنبي الله يوسف، دون سواه، وذلك أن النص صيغ صياغة عامة: ﴿نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٥٦].
ثم من ادعى أن هذا الحكم خاص بيوسف دون سواه عليه أن يأتي بالدليل، لأن الأصل في سير الأنبياء والمرسلين يراد به التأسي والاقتداء، فكيف إذا جاءت النصوص القرآنية نافية الخصوصية مشيرة إلى العموم (١).
لقد تحدث المفسرون في هذه القضية:
١- نقل القرطبي - رحمه الله - عن بعض أهل العلم: (إباحة طلب الرجل الفاضل أن يعلم أنه يفوض إليه في فعل لا يعارضه فيه، فيصلح منه ما شاء، وأمّا إذا كان عمله بحسب اختيار الفاجر وشهواته وفجوره فلا يجوز ذلك، ونقل القرطبي عن قوم أن هذا كان ليوسف خاصة دون غيره، ولكنه رجح القول الأول) (٢).
٢- واستدل الألوسي- رحمه الله - بطلب يوسف الولاية على جواز ذلك لغيره إذا كان الطالب قادرًا على إقامة العدل وإجراء أحكام الشريعة، وإن كان من يد الجائر أو الكافر، بل ذهب الألوسي إلى أنه قد يجب الطلب إذا توقف على ولايته إقامة واجب مثلاً، وكان متعينًا لذلك (٣).
٣- وقال الشوكاني: «وقد استُدل بهذه الآية على أنه يجوز تولى الأعمال جهة السلطان الجائر بل الكافر لمن وثق من نفسه بالقيام بالحق» (٤).
وهذا من أقوى الأدلة في جواز المشاركة في الانتخابات.
(٢) تفسير القرطبي (٧/٢١٥).
(٣) تفسير الألوسي (١٣/٥).
(٤) فتح القدير (٣/٣٥).