إن النظام الإسلامي في الحكم يرتبط ارتباطا وثيقا بالدين وأخلاقه وعقيدته، فالواقع العملي يدل على ذلك، فخاصة المسلمين في كل عصر منذ عهد أبي بكر - رضي الله عنه - وطيلة عهود الخلافة كانوا يبايعون الخلفاء والأمراء على كتاب الله وسنة رسوله - ﷺ -، ويجعلون ذلك أساس الارتباط مع الدولة فكلما تمسك الولاة بالشريعة قويت الآصرة بينهم وبين خاصة الأمة، وبالتالي عامتها، ولقد اقترنت السياسة بالدين في الإسلام وارتبطت العقيدة الصحيحة، ولم يبق في الأرض عقيدة سليمة غيرها، وارتبطت بالمعايير الأخلاقية التي لا تستمد إلا من الدين، وما أحوج السياسة إلى عقيدة تنطلق منها وأخلاق تسير عليها(١).
لقد جمع الإسلام بين الرسالة والخلافة، لأن الإسلام غاية مراد الله من الشرائع وهو الشريعة الخاتمة، ولأن امتزاج الدين والملك هو أكمل مظاهر التمكين في الأرض للمؤمنين قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ﴾ [النساء: ٦٤] ولذلك أجمع أصحاب رسول الله - ﷺ - بعد وفاته على إقامة الخليفة لحفظ نظام الأمة وتنفيذ الشريعة، ولم ينازع في ذلك أحد من الخاصة ولا من العامة، إلا الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى(٢).

(١) انظر: الحكم والتحاكم في خطاب الوحي (٢/٥٣٧) عبد العزيز مصطفى.
(٢) انظر: تفسير التحرير والتنوير (١/٧٠٧).


الصفحة التالية
Icon