لقد كان إجماع الصحابة على ضرورة تنصيب خليفة مستمدا من نصوص الكتاب والسنة الواضحة الدلالة على هذا الوجوب(١)، وحسمت الشريعة أمر الإمامة بكل وضوح، فجعلت شروطا في الإمامة، وزادت الشريعة من ضبط هذا الأمر بأن جعلت أمر الترجيح بهذه الشروط راجعا إلى خاصة الأمة المعروفين بـ (أهل الحل والعقد). وأهل الحل والعقد ينظرون في الشروط التي حددتها الشريعة لولي الأمر، وينوبون عن الأمة في اختيار رجل مستوف لتلك الشرائط التي تعتبر المعيار الشرعي للصلاح المطلوب في الحاكم.
ومن الجدير ذكره هنا، أن أهل الحل والعقد أنفسهم يخضعون لشروط حددها أهل العلم من أهمها: العدالة، العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة، والثالث أن يكون من أهل الرأي والتدبير المؤديين إلى اختيار من هو للإمامة أصلح(٢).
وهذه الأمور ينص عليها دستور الدولة المستمد من الكتاب والسنة المطهرة، كما أن الدستور يتضمن شروط الإمامة العظمى. إن الشريعة الإسلامية انفردت بكثير من الأسرار والحكم مؤادها في النهاية ألا يقدم لهذا المنصب الجليل إلا من يغلب على الظن أنه أهل لقيادة خير أمة أخرجت للناس، وهذه الشروط منها ما هي شروط صحة، ومنها ما هي شروط كمال.
الشرط الأول: الإسلام:
والإشارة إليه في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]، أي ذوي أمركم ومن ولوه من المسلمين(٣).
وقال النووي رحمه الله: (أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل، قال: وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها)(٤).
الشرط الثاني: العدالة:
(٢) الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلي، ص١٩ وللماوردي، ص٤.
(٣) انظر: تفسير الطبري (٨/٥٠٣) تحقيق أحمد شاكر.
(٤) شرح صحيح مسلم للنووي (١٢/٢٢٩).