فينبغي لولي أمر المسلمين أن يكون ذا خبرة ورأي حصيف في أمور الحرب مثل: تدبير الجيوش، وسد الثغور وحماية بيضة المسلمين ومنازلة الأعداء، وحسن الاستفادة من الأصدقاء، وكذلك في أمور السلم بأن يملك زمام الأمة ويأخذ من ظالمها لمظلومها ولضعيفها من قويها، ويقيمها على الحق ويقيم بها الحق(١).
وعد القاضي أبو يعلي من شرط الإمام «أن يكون قيما بأمر الحرب والسياسة وإقامة الحدود، لا تلحقه رأفة في ذلك»(٢)، وهذا الشرط من شروط الصحة عنده وعند الماوردي(٣)، وكذلك ابن خلدون(٤).
على أن الشروط المعتبرة، رغم نص العلماء عليها، ليست ضربة لازب كلها، بحيث لو وجد شخص فيه معظمها لا تنعقد له الإمامة حتى توجد فيه كلها، لا، بل إن في الأمر مرونة تناسب تغير الأحوال بل قال القرطبي: «يجوز نصب المفضول مع وجود الفاضل خوف الفتنة وألا يستقيم أمر الأمة، وذلك أن الإمام إنما نصب لدفع العدو وحماية البيضة وسد الخلل، واستخراج الحقوق وإقامة الحدود، وجباية الأموال لبيت المال وقسمتها على أهلها، فإذا خيف بإقامة الأفضل الهرج والفساد وتعطيل الأمور التي لأجلها ينصب الإمام، كان ذلك عذرا ظاهرا في العدول عن الفاضل للمفضول، ويدل على ذلك أيضا علم عمر وسائر الأمة وقت الشورى بأن الستة(٥)، فيهم فاضل ومفضول»(٦).
ولا شك أن من أهداف مرحلة التمكين تقديم الحاكم الصالح الذي تتدعم به
دولة الإسلام.
(٢) الأحكام السلطانية لأبي يعلي، ص٢٠.
(٣) انظر: الأحكام السلطانية للماوردي، ص٦.
(٤) انظر: المقدمة، ص١٩٣.
(٥) الستة هم الذين نصح عمر - رضي الله عنه - المسلمين أن يختاروا واحدا منهم لولاية الأمر بعده حين طلب إليه أن يعهد عهدا، وهم: علي، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله.
(٦) تفسير القرطبي (٥/٢٥٩).