قال القرطبي: «لما تقدم إلى الولاة في الآية المتقدمة وبدأ بهم فأمرهم بأداء الأمانات، وأن يحكموا بين الناس بالعدل، تقدم في هذه الآية فأمر الرعية بطاعته جل وعلا أولا وهي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ثم بطاعة رسوله ثانيا فيما أمر به ونهى عنه، ثم بطاعة الأمراء ثالثًا، على قول الجمهور وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم»(١).
وفي المجتمع الإسلامي، الشريعة فوق الجميع، يخضع لها الحاكم والمحكوم، ولهذا فإن طاعة الحكام مقيدة دائما بطاعة الله ورسوله، كما قال رسول الله - ﷺ -: «لا طاعة في المعصية إنما الطاعة في المعروف» (٢).
٢- النصرة:
فالواجب على الرعية نصرة الإمام الحاكم بما أنزل الله ومعاضدته ومناصرته في أمور الدين وجهاد العدو، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢].
قال - ﷺ -: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد منكم، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» (٣)، ومن نصرة الإمام ألا يهان، ومن معاضدته أن يحترم، وأن يكرم، فقوامته على الأمة وقيادته لها لإعلاء كلمة الله، تستوجب تبجيله وإجلاله وإكرامه تبجيلاً وإجلالاً، وإكراما لشرع الله سبحانه الذي ينافح ويدافع عنه، يقول رسول
الله - ﷺ -: «إن من إجلال الله تعالى: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط» (٤).
٣- النصح:
(٢) البخاري، كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام، حديث رقم ٧١٤٥ (٨/١٣٥).
(٣) مسلم، كتاب الإمارة باب حكم من فرق أمر المسلمين (٣/١٤٨٠) رقم ١٨٥٢.
(٤) رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب تنزيل الناس منازلهم، رقم الحديث ٤٨٢٢، وصححه الألباني، انظر: صحيح سننه أبي داود (٣/١٩١٨) رقم ٤٠٥٣.