إن الإسلام أوجب على الرعية أن تناصح ولاة أمرها قال - ﷺ -: «الدين النصيحة - ثلاثا - قال الصحابة: لمن يا رسول الله؟ قال: لله -عز وجل- ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (١).
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتناصحون - رعاة ورعية -، فهذا عمر - رضي الله عنه - درة الولاة، وفخر الأئمة في هذه الأمة يقول للرعية: «رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي»(٢).
٤- التقويم:
لقد استقر في مفهوم الصحابة أن بقاء الأمة على الاستقامة رهن باستقامة ولاتها، فهذا أبو بكر - رضي الله عنه - عندما اختير للخلافة، قام في الصحابة خطيبا فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله: «أما بعد، أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله، فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله»(٣).
وكان عمر - رضي الله عنه - لا يكتفي بإنصاف الناس من نفسه، حتى ينصفهم من عماله وولاته، ويسأل الرعية عمن أساء منهم، وكان يقول: «إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم وليشتموا أعراضكم ويأخذوا أموالكم، ولكني استعملتهم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم، فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له عليَّ، ليرفعها إليَّ حتى أقصه منه»(٤).

(١) مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة (١/٧٤) رقم ٥٥.
(٢) أورده الإمام الدارمي في مقدمة سننه (١/١٦٩).
(٣) البداية والنهاية لابن كثير (٦/٣٠٦) وقال ابن كثير: إسناده صحيح.
(٤) الحكم والتحاكم في خطاب الوحي (٢/٥٣٣).


الصفحة التالية
Icon