إن العلاقة بين الراعي والراعية - كما تحدد الشريعة معالمها - هي علاقة التعاون والتعاضد مع النزاهة والتجرد، فهي علاقة هدفها إعلاء كلمة الله.
إن من أهداف مرحلة التمكين تحقيق دعائم الدولة في دنيا الوجود المتمثلة في نظام حكم شرعي، وحاكم صالح، ورعية صالحة مصلحة.
ثانيًا: إقامة قواعد النظام الإسلامي:
ويدخل ضمنا في أهداف التمكين الحرص على إقامة قواعد النظام الإسلامي التي تساهم في إقامة المجتمع المسلم، ومن أهم هذه القواعد الشورى، والعدل، والمساواة، والحريات.
أ- الشورى:
إن تداول الرأي في الحوادث مارسته الشعور منذ أقدم العصور، مارسه العرب والفرس، والمصريون، والهنود، والرومان، والصينيون، ومارسه الملوك والفراعنة، ولم يوجد شعب ولا أمة إلا مارسته في القديم والحديث.
إن ملكة سبأ عندما وصلها كتاب من سليمان عليه السلام يدعوها فيه إلى الإذعان بالوحدانية والربوبية وإلى الطاعة والإسلام دعت الملأ وهم أشراف الناس من قومها ووجوههم المقربون(١) إليها قالت: ﴿إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ - إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ - قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ - قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ﴾ [النمل: ٢٩-٣٣].
إن القرآن الكريم يقدم لنا درسا في الأخذ بنظام الشورى، إذ يقص علينا قصة ملكة سبأ عندما تلقت تهديد سليمان بالزحف على مملكتها، فلم تنفرد باتخاذ موقف لوحدها ثم تطلب تنفيذه، وإنما جمعت أشراف قومها وطلبت منهم الآراء في هذا الموضع الخطير(٢).

(١) انظر: الشورى بين الأصالة والمعاصرة، عز الدين التميمي، ص١٧.
(٢) انظر: دعوة سليمان، علي منسي عشكان، ص٦٩.


الصفحة التالية
Icon