إن هذه الآية قد نزلت في سورة سميت سورة الشورى، وهي مكية، ولقد جاءت مؤكدة أن تكون الشورى صفة ملازمة للجماعة الإسلامية، وسلوكا اجتماعيا لا يغادرهم قبل قيام الدولة الإسلامية وبعد قيامها، فإن كلمة أمرهم من ألفاظ العموم تشمل جميع شئونهم العامة وحياتهم المشتركة(١).
قال سيد قطب - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية: «والتعبير يجعل أمرهم كله شورى، لصبغ الحياة كلها بهذه الصبغة، وهو كما قلنا نص مكي قبل قيام الدولة الإسلامية.
فهذا الطابع إذن أعم وأشمل من الدولة في حياة المسلمين، إنه طابع الجماعة الإسلامية في كل حالاتها، ولو كانت الدولة بمعناها الخاص لم تقم بعد.
والواقع أن الدولة في الإسلام ليست سوى إفراز طبيعي للجماعة وخصائصها الذاتية، والجماعة تتضمن الدولة، تنهض وإياها بتحقيق المنهج الإسلامي وهيمنته على الحياة الفردية والجماعية.
ومن ثم كان طابع الشورى في الجماعة مبكرا، وكان مدلوله أوسع وأعمق من محيط الدولة وشئون الحكم فيها، إنه طابع ذاتي للحياة الإسلامية، وسمة مميزة للجماعة المختارة لقيادة البشرية، وهي من ألزم صفات القيادة»
(٢).
ويقول الأستاذ عبد القادر عودة - رحمه الله -: «الشورى دعامة من دعائم الإيمان وصفة من الصفات المميزة للمسلمين، سوَّى الله بينها وبين الصلاة والإنفاق في قوله: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [الشورى: ٣٨]

(١) انظر: حكم الشورى في الإسلام ونتيجتها، ص٤٠.
(٢) في ظلال القرآن (٦/٣١٦٥).


الصفحة التالية
Icon