فجعل للاستجابة لله نتائج بين لنا أبرزها، وأظهرها، وهي إقامة الصلاة والشورى والإنفاق، وإذا كانت الشورى من الإيمان فإنه لا يكمل إيمان قوم يتركون الشورى، ولا يحسن إسلامهم إذا لم يقيموا الشورى إقامة صحيحة، ومادامت الشورى صفة لازمة للمسلم لا يكمل إيمانه إلا بتوفرها، فهي إذن فريضة إسلامية واجبة على الحاكمين والمحكومين، فعلى الحاكم أن يستشير في كل أمور الحكم والإدارة، والسياسة، والتشريع، وكل ما يتعلق بمصلحة الأفراد أو المصلحة العامة، وعلى المحكومين أن يشيروا على الحاكم بما يرونه في هذه المسائل كلها، سواء استشارهم الحاكم أو لم يستشرهم»(١).
والأحاديث القولية والسنة الفعلية الدالة على وجوب الشورى كثيرة ونكتفي بما ذكرنا خوفا من الإطالة ومن خلال الدراسة الوافية لمسألة الشورى يتضح أن القول بالوجوب أرجح من الندب والعلم عند الله.
ولقد اختلف العلماء هل الشورى معلمة أو ملزمة، ولقد اخترت في هذا البحث كونها ملزمة وهو الذي ينسجم مع أهداف التمكين، والواقع المعاش للأمة، ولقد ذهب جمهور العلماء والفقهاء في العصر الحديث إلى أن الشورى بنتيجتها للإمام ملزمة، وعليه أن يأخذ برأي الأغلبية وإن كان رأي الأغلبية يخالف رأيه الذي يرجح أنه أصوب من رأيهم، ولقد كان آخر رأي صدر عن الأستاذ المودودي في هذا الشأن أن الشورى ملزمة للأمير، وليس له أن ينفرد برأيه ويخالف رأي أهل الشورى أو أغلبيتهم.
قال المودودي - رحمه الله -: «وخامسة قواعد الدولة الإسلامية حتمية تشاور قادة الدولة وحكامها مع المسلمين والنزول على رضاهم ورأيهم، وإمضاء نظام الحكم بالشورى، يقول تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ ويقول: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ﴾(٢).

(١) الإسلام وأوضاعنا السياسية، ص١٩٣.
(٢) الخلافة والملك، ص٤١، ٤٢.


الصفحة التالية
Icon