الشورى نوع من الحوار المفتوح، ومن أحسن الأساليب لتوعية الرأي العام وتنويره، وتعزيز عوامل الحب والثقة بين الحاكم والمحكومين، والقائد والمقودين، والرئيس والمرءوسين، وهو خير أسلوب في الحكم لعزل الشكوك، ونفي الهواجس وإزالة الأوهام، ووقف الشائعات التي تنمو عادة في ظل الاستبداد وتنتشر في عتمة الغوغائية.
تقضي مبادئ الإسلام بأن يشعر كل فرد أن له دورا في حياة المجتمع والجماعة، والشورى تتيح الفرصة أمام كل فرد لكي يقدم ما يستطيع من جهود وأفكار وآراء ومهارات لخير المجتمع، كما تتيح الفرصة أمام كل فرد ليعبر عن رأيه في الشئون العامة.
إن الشورى تمنح الدفء العاطفي، والتماسك الفكري لأفراد الأمة، وفيها إشعار الفرد بقيمته الذاتية، وقيمته الفكرية، وقيمته الإنسانية، وتدفع أفراد المجتمع نحو الاجتهاد والإبداع والرضا وتتفجر الطاقات وتتكشف المواهب المغمورة في الأمة.
إن الشورى تساهم في علاج ضروب الكبت الضاغطة، وكوامن الأحقاد الدفينة، وتطيح بكثير من الكظوم الخفية، وتدفع رعايا الدولة للعطاء والحرص على ترسيخ النظام، وصدق الولاء.
وفي نظام الشورى تذكير للأمة بأنها هي صاحبة السلطان وتذكير لرئيس الدولة بأنه وكيل عنها في مباشرة الحكم والسلطان.
وفي المشاورة امتثال لأمر الله بها، واقتداء برسول الله - ﷺ -، وهذه المزية أرجح المزايا المتقدمة، وهذا أهم العوامل في نجاح نظام الشورى(١).
إن الشورى تمثل عملا سياسيا ضروريا لنجاح الدولة في تدبير شئون الأمة، وهي تشكل منهجا حيويا يتوقف عليه انتصار الحق في المجتمع، والتزام السداد في شئونه، كما يتوقف عليه احترام العقل في الدولة واحترام الإنسان في ظلها.

(١) انظر: الشورى بين الأصالة والمعاصرة لعز الدين التميمي، ص٣٣، ٣٤.


الصفحة التالية
Icon