ومن ذلك يتضح اهتمام عمر بالمساواة بين عامة الناس، حتى في الدعاء لهم، ولا يختص أحد بالدعاء، فالمسلمون عامة في حاجة إلى دعوة الله عز وجل لهم، والله سبحانه وتعالى جدير بالإجابة(١). ولم يكتف عمر بالأخذ بمبدأ المساواة بنفسه فحسب، بل كان يأمر عماله وولاته بذلك فقد كتب إلى عامله على المدينة يقول له: «اخرج للناس، فآس بينهم في المجلس والمنظر، ولا يكون أحد الناس آثر عندك من أحد ولا تقولن هؤلاء من أهل بيت أمير المؤمنين، فإن أهل بيت أمير المؤمنين وغيرهم عندي اليوم سواء، بل أنا أحرى أن أظن بأهل بيت أمير المؤمنين أنهم يقهرون من نازعهم»(٢).
وبعد هذا العرض الموجز نرى أن الدولة الإسلامية لابد لها أن تعمل على إنزال هذا المبدأ في دنيا الناس وعليها أن تراعي الآتي:
العلم بأن مبدأ المساواة لا يخلو من أنه أمر تعبدي، تؤجر عليه من خالق الخلق سبحانه وتعالى.
إسقاط الاعتبارات الطبقية، والعرقية، والقبلية، والعنصرية، والقومية، والوطنية، والإقليمية وغير ذلك من الشعارات الماحقة لمبدأ المساواة الإنسانية، والتي تقوم عليها وتستحسنها بعض الجماعات، والدول، والمؤسسات، بل والمجتمعات وإحلال المعيار الإلهي بدلا عنها للتفاضل، ألا وهو (التقوى).
ضرورة مراعاة مبدأ تكافؤ الفرص للجميع، ولا يراعى أحد لجاهه أو سلطانه، أو حسبه، أو نسبه، وإنما الفرص للجميع وكل حسب قدراته، وكفاءاته، ومواهبه، وطاقته، وإنتاجه.
إن تطبيق مبدأ المساواة بين رعايا الدولة الإسلامية يقوي صفها، ويوحد كلمتها وينتج عنه مجتمع متماسك متراحم يعيش لعقيدة، ومنهج ومبدأ.
د- الحريات:

(١) انظر: إدارة عمر بن عبد العزيز، ص٢٩٩.
(٢) الطبقات لابن سعد (٥/٣٤٣).


الصفحة التالية
Icon