المبحث الثاني : نشر الدعوة إلى الله
وذلك أن دين الإسلام، دين دعوة مستمرة، لا تتوقف، حتى تتوقف الحياة البشرية من على وجه الأرض.
وممارسة الدعوة بعد التمكين هي الممارسة المجدية القادرة على الوصول إلى أهدافها، لأن دولة وحكومة ترعيانها وتؤيدانها، والحق مهما كان واضحًا، فإنه بحاجة إلى قوة تؤيده وتحميه، ذاك الشأن هو سنة من سنن الله في الأرض، إن الدولة المحكمة لشرع الله هي المناط بها إعداد وتهيئة وحماية الدعاة، وتوفير السبل والوسائل المعينة لهم على القيام بهذه المهمة، وهي المسئولة أيضا عن نشر هذه الدعوة في أرجاء الأرض وربط السياسة الخارجية على الأسس الدعوية العقدية، قبل بنائها على الأسس المصلحية النفعية، وذلك كما كان يفعل رسول الله - ﷺ - كان يقوم بتبليغ الدعوة إلى الآفاق امتثالا لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: ٦٧].
وقد امتثل - ﷺ - للأمر وأرسل إلى ملوك الأرض فكتب إلى ملك الروم، فقيل له: إنهم لا يقرأون كتابًا إلا إذا كان مختومًا، فاتخذ خاتمًا من فضة، وختم به الكتب إلى الملوك، وبعث كتبًا ورسلاً إلى ملوك فارس والروم، والحبشة ومصر والبلقاء واليمامة في يوم واحد، ثم بعث إلى حكام عمان والبحرين واليمن وغيرهم(١).
إن الدولة المسلمة من أهدافها دعوة الناس إلى دين الله، ولذلك ربما تؤسس وزارة أو مؤسسة أو هيئة خاصة بأمور الدعوة وظيفتها إعانة الدعاة للتغلب على هموم الدعوة، بكل ما أوتيت من إمكانات فهي التي تشرف على:
١- إعداد الدعاة على المستوى الذي يتطلبه العصر الذي يعيشون فيه، والمجتمع الذي يمارسون فيه الدعوة، إعدادا علميا فنيا ميدانيا.
٢- تنظيم وسائل الإعلام والتنسيق بينها لتؤدي مهمتها في الدعوة إلى الله.