إن غاية التشريع الإسلامي هي إسعاد الناس وإصلاحهم، وتيسير أمرهم ورفع الحرج عنهم، قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا - يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: ٢٦- ٢٨] إذن فإصلاح دنيا الناس أساس، وتطبيق أحكام الحدود والقصاص وغيره، والإجراءات الوقائية إنما هي محافظة على ذلك الإصلاح حتى لا يعكر صفوه بفتنة محارب عدواني، أو شهواني زان، أو لص سارق، أو ملحد مارق.
إن من أهداف مرحلة التمكين إنزال منهج الإسلام الإصلاحي في دنيا الناس والذي يدور حول مصالح ثلاث:
درس المفاسد، المعروف عند أهل الأصول بالضروريات.
جلب المصالح، المعروف عندهم بالحاجيات.
الجري على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات المعروف عند الأصوليين بالتحسينات والتتميمات(١)، وبإقامة حكم الله تتحقق هذه المصالح الثلاث، وبالتالي تصلح أحوال الدنيا وتستقيم على منهج الله، ومن ثم يكون ذلك صلاحًا لآخرة الناس أيضًا.
وعلى وجه الإجمال يمكننا تتبع مقاصد الشريعة في الحكم الإسلامي بإلقاء نظرة على تشريعاته الهادفة لتحقيق المقاصد الثلاثة:
أ- درء المفاسد، وهو المعبر عنه بالضروريات، وا لمراد به درؤها عن ستة أشياء:
١- الدين:
جاءت أحكام الشرع حاسمة في درء أي مفسدة قد تلحق بالدين، فكان أن شرع الإسلام الجهاد لدفع الفتنة وإعلاء كلمة الله، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ﴾ [البقرة: ١٩٣].
وقال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ﴾ [الأنفال: ٣٩].