وقد جاءت الأحكام الشرعية بالمحافظة على العقل الذي ميز الله به الإنسان وكرمه، فحرمت الخمر التي تذهب بالعقل وتغيبه كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾ إلى قوله: ﴿فَهَلْ أَنْتُم مُّنتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩٠، ٩١] وقال رسول الله - ﷺ -: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام» (١)، وشرع إقامة الحد على السكران، وحرم المخدرات والمفترات التي تؤثر على سلامة العقل(٢).
٤- النسب:
جاءت الشريعة لدفع كل مفسدة تلحق بالأنساب، فإلى جانب تحريم الزنى
وإيجاب الحد على الزناة المعلوم من قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ [الإسراء: ٣٢].
وقوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢].
وإلى حد الرجم للمحصنين - إلى جانب ذلك، أوجبت الشريعة العدة على النساء عند مفارقة الأزواج بطلاق أو موت، لئلا يختلط ماء الرجل بماء رجل آخر في رحم المرأة، قال تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨].
وقال: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤]. وكذلك منعت الشريعة نكاح الحامل حتى تضع، حتى لا يسقي الرجل بماء غيره، فقال تعالى: ﴿وَأُولاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤].
وهذه الأحكام كلها يؤول تنفيذها إلى القاضي المسلم في الدولة المسلمة إضافة إلى مسئولية الناس الشخصية عن تبعاتها في المجتمع المسلم.
٥- العرض:

(١) البخاري، كتاب الأشربة، باب: الخمر من العسل، فتح الباري (١٠/٤٤) رقم ٥٥٨٥.
(٢) انظر: الحكم والتحاكم في خطاب الوحي (١/٤٦٧).


الصفحة التالية
Icon