وبتوافر الحماية لهذه العناصر الستة، يقصد المنهج التشريعي الإسلامي إلى إصلاح حياة الناس، بدرء المفاسد عنها، وقدم الإسلام درء المفاسد على جلب المصالح رغم أن درءها هو في حد ذاته مصلحة كبرى، إذ بذلك يمنع الشر أولا، ثم يستجلب الخير. فهذا إصلاح بالسلب وذلك بالإيجاب وهو ما نعنيه من قولنا: إن الدعوة إلى الله من أهداف التمكين وذلك بإنزال منهج الإسلام الإصلاحي في دنيا الناس والذي يدور حول مصالح ثلاث: درء المفاسد، وجلب المصالح، والجري على مكارم الأخلاق.
ب- جلب المصالح «المعروف بالحاجيات»:
إن جلب المصالح مجاله واسع رحيب، فالشريعة فتحت أبواب الحلال على مصاريعها في جميع مناحي المعيشة وجعلت هذا الحلال أسلوب حياة تحرسه الدولة وتزيل العقبات من طريقه، فكل نوع من التكسب والإنتاج والصناعة والفن والثقافة لا يدخل في محرم، إنما هو من حقوق الناس، ليس لأحد أن يحرمه عليهم أو يحرمهم منه، قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨].
وقال تعالى: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللهِ﴾ [المزمل: ٢٠].
وقد جاء الشرع المطهر بإباحة المصالح المتبادلة بين الفرد والمجتمع على الوجه المشروع، ليستجلب كل مصلحته من الآخر، كالبيوع والإجارات والمساقاة والمضاربة وما يجري مجرى ذلك.
جـ- إحياء مكارم الأخلاق ومحاسن العادات بين الناس:
إن الرسول الكريم - ﷺ - قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (١).

(١) أحمد في مسنده (٢/٣٨١) وصححه أحمد شاكر، انظر: تحقيق المسند (١٨/٨٠) رقم ٨٩٣٩.


الصفحة التالية
Icon