«فالجهاد في سبيل الله - تعالى - ليس هدفا منفصلا عن الدعوة إلى الله، بل هو مرتبط بها ارتباطا كاملا، يدور القتال لأجل الدعوة، ويتوقف لأجل الدعوة فهو إذن وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله، وقوة من قواها لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد الأحد، وليمض الجيل المؤمن بالدعوة بكل قواها، وسلامة نهجها حتى تكون كلمة الله هي العليا.
وهو كذلك وسيلة من وسائل حماية الدعوة وحماية المسلمين أنفسا، ودارا، وثروات، ومنهاجا، وهو كذلك وسيلة لدفع الدعوة في الأرض حتى تبلغ الناس كافة، حين لا تنفع الحكمة والموعظة الحسنة، ولا يكفي جهاد اللسان والبيان، وحين تصد الدعوة عن غايتها، وتقفل الدروب والمسالك أمامها، وتبذل الجهود لخنقها»(١).
«وإذا انعزل القتال - الذي هو صورة من صور الجهاد في سبيل الله - عن الدعوة بصورة أو بأخرى، وإذا فقد أهدافه الإيمانية وخصائصه الربانية، فقد جوهره وحقيقته، وأصبح قتالاً كقتال سائر الناس في الأرض، عدوانًا وظلمًا، واستعمارًا، ونهبًا، وجرائم تتلوها جرائم، وحمية جاهلية، الإسلام منها برئ»(٢).
ومن أهم خصائص الجهاد أنه «في سبيل الله»:
إن المتدبر لكتاب الله - تعالى - يجد أن كلمة «في سبيل الله» تأخذ عمقًا بعيدًا، ومعنى واسعًا، ففي معظم آيات الجهاد تأتي لفظة «الجهاد» مقرونة بقوله تعالى: ﴿فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ أو ﴿فِي اللهِ﴾ أو ﴿فِينَا﴾.
قال تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ [التوبة: ٤١].
وقال جل شأنه: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ [الحج: ٧٨].
وقال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: ٦٩].
(٢) المصدر نفسه (٢/٨٦).