ومن أجل هذه الغاية جاهد جنود الدولة الإسلامية في عصرها الزاهر، وقد سأل رستم قائد الفرس ربعي بن عامر: ما جاء بكم؟ فقال: ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله، قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقي»(١).
وقال ابن تيمية - رحمه الله -: «والجهاد مقصوده أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدين لله، فمقصوده إقامة دين الله، لا استيفاء الرجل حظه، كان ما يصاب
به المجاهد في نفسه وماله أجره على الله، فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم
بأن لهم الجنة»(٢).
هذه هي الغاية العليا الشاملة للجهاد في سبيل الله، ويمكننا أن ندخل نقطتين تحت أهداف الجهاد في الدولة الإسلامية منها:
١- إقامة حكم الله ونظام الإسلام في الأرض:
إن إقامة حكم الله في الأرض هدف من أهداف الجهاد، ولذلك تسعى الدولة المسلمة لتحقيق هذا الهدف من خلال أجهزتها ومؤسساتها وتوظيف كل إمكاناتها، وفتح المجال للمسلمين للسعي الدءوب من أجل إنزال حكم الله، ونظام الإسلام في دنيا الناس، ليتمتعوا بحكم الله الذي يؤتي كل ذي حق حقه بلا نقص.
قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥].
(٢) الفتاوى (١٥/١٧٠).