٣- قال محمد رشيد رضا(١) في تفسيره: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة: ١٤٣]، هو تصريح بما فهم من قوله: (وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ) [البقرة: ٢١٣].
أي على هذا النحو من الهداية جعلناكم أمة وسطا.
قالوا: إن الوسط هو العدل والخيار، وذلك إن الزيادة على المطلوب في الأمر إفراط، والنقص عنه تقصير وتفريط، وكل من الإفراط والتفريط ميل عن الجادة القويمة، فهو شر ومذموم، فالخيار هو الوسط بين طرفي الأمر، أي المتوسط بينهما.
٤- وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي(٢) –رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) أي: عدلا خيارا، وما عدا الوسط فأطراف داخلة تحت الخطر، فجعل الله هذه الأمة وسطا في كل أمور الدين، وسطا في الأنبياء بين من غلا فيهم كالنصارى، وبين من جفا منهم كاليهود، فأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك.
ووسطا في الشريعة، لا تشديدات اليهود وآصارهم، ولا تهاون النصارى، وفي باب الطهارة والمطاعم، لا كاليهود الذين لا تصح لهم صلاة إلا في بيعهم وكنائسهم، ولا يطهرهم الماء من النجاسات، وقد حرمت عليهم طيبات عقوبة لهم.

(١) هو محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين بن منلا علي القلموني البغدادي الأصل، الحسيني النسب، صاحب مجلة (المنار) وداعية التجديد والإصلاح وله تفسير اسمه: تفسير القرآن الحكيم، ومشهور باسم (تفسير المنار) وهو غير كامل انتهي مؤلفه إلى الآية (١٠١) من سورة يوسف، ولد سنة ١٢٨٢هـ توفى ١٣٥٣هـ (انظر ترجمته في القول المختصر المبين في مناهج المفسرين لمحمد النجدي: ٥٩)، وانظر: الأعلام للزركلي (٦/١٢٦).
(٢) هو الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله آل سعدي التميمي الحنبلي ولد –رحمه الله- بعنيزة بالقصيم السعودية سنة ١٣٠٧ ه وكان عالما محررا نبغ في علو عديدة منها العقيدة، والفقه، توفى -رحمه الله- سنة ١٣٦٧هـ، انظر ترجمته في مشاهير علماء نجد: (٣٩٢).


الصفحة التالية
Icon