ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئا ولا يحرمون شيئا؛ بل أباحوا ما دب ودرج، بل طهارتهم –أي هذه الأمة- أكمل طهارة وأتمها، وأباح لهم الطيبات من المطاعم، والمشارب، والملابس، والمناكح، وحرم عليهم الخبائث من ذلك.
فلهذه الأمة من الدين أكمله، ومن الأخلاق أجلها، ومن الأعمال أفضلها ووهبهم من العلم الحلم والعدل والإحسان ما لم يهبه لأمة سواهم، فلذلك كانوا (أُمَّةً وَسَطًا) كاملين معتدلين ليكونوا (شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) بسبب عدالتهم وحكمهم بالقسط، يحكمون على الناس من سائر الأديان، ولا يحكم عليهم غيرهم(١).
٥- ويقول سيد قط(٢) - رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية: (وإنها للأمة الوسط بكل معاني الوسط، سواء من الوساطة بمعنى الحسن والفضل، أو من الوسط بمعنى الاعتدال والقصد، أو الوسط بمعناه المادي والحسي، أمة وسطا في التصور والاعتقاد، أمة وسطا في التفكير والشعور، أمة وسطا في التنظيم والتنسيق، أمة وسطا في الارتباطات والعلاقات، أمة وسطا في الزمان، أمة وسطا في المكان(٣).

(١) انظر تفسير السعدي (١/١٥٧).
(٢) هو سيد قطب إبراهيم حسين شاذلي، ولد في قرية موشة، إحدى قري محافظة أسيوط في صعيد مصر، وكانت ولادته عا ١٩٠٦م، تخرج في دار العلوم من القاهرة عام ١٩٣٣م، وفي بداية شبابه كانت اهتماماته أدبية نقدية، ونظراته فلسفية عميقة وله مقالات انتقادية حادة، وكان تلميذا أدبيا للعقاد، درس القرآن دراسة أدبية وخرج بكتابه (التصوير الفني في القرآن) وانتظم للإخوان المسلمين بمصر بعد وفاة مؤسسها، وأعدمه جمال عبد الناصر في مساء يوم الأحد ٢٨/٨/١٩٦٦م لكونه من الساعين لتحكيم شرع الله وترك خلفه مؤلفات ومن أشهرها ظلال القرآن، انظر ترجمته (سيد قطب الشهيد الحي لصلاح الخالدي: ٥١: مجلة المسلمون عدد ١١ تاريخ ١٣ ربيع الأول ١٤٠٢هـ، وموافق ١٨/١/١٩٨٢م ص ١٢).
(٣) انظر في ظلال القرآن (١/١٣١).


الصفحة التالية
Icon