فانظروا كيف مالوا عن حكم الله –عز وجل- وتلاعبوا بحدوده، فأقاموا الحد، والقصاص على الضعيف فيهم، وصرفوه عن ذي المكانة والقوة والمنعة، والعجب لا ينقضي من تمالئهم على ذلك واتفاقهم عليه، وهذا شاهد آخر على اختلاف ميزان العدل عند اليهود، ومبلغ ظلمهم وجورهم، وتعطيلهم لحدود الله –عز وجل-: أخرج الإمام البخاري -رحمه الله-: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: "إن اليهود جاؤوا إلى رسول الله فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟" فقالوا: نفضحهم، ويجلدون، قال عبد الله بن سلام(١): كذبتهم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم، قالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجما، فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة"(٢).

(١) هو عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي حليف بني ع وف بن الخزرج اسلم عند قدوم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وشهد له الرسول بالجنة، وشهد مع عمر فتح بيت المقدس، والجابية، وتوفى عام (٤٣هـ) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (٥/٢٤٩).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الحدود، باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا، ورفعوا للإمام: (١٢/١٦٦ رقم الحديث ٦٨٤١).


الصفحة التالية
Icon