إن نظرة اليهود إلى غيرهم من الأمم والشعوب نظرة تعال وازدراء، فهم يرون أنهم شعب الله المختار، وأنهم أبناء الله وأحباؤه كما أخبر الله عن مقالتهم هذه وكذبهم فيها، فقال جل وعلا: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَّشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَللهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [المائدة: ١٨].
وكانوا يرون أن غيرهم من الأمم لا حق لهم في عدل ولا نصف، بل ويستحلون منهم الدماء والأنفس والأموال بحجة أن غير اليهود كفار مشركون لا حرمة لهم، وقد نبأنا الله خبرهم وقولهم هذا وعدهم كذبة مفترين في ذلك فقال –عز وجل-: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: ٧٥].
ومرادهم بالأميين العرب والمشركين وكل ما ليس بيهودي، روى ابن جرير عن قتادة -رحمه الله-: في قوله: (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) قال: ليس علينا في المشركين سبيل، يعنون من ليس من أهل الكتاب(١).

(١) تفسير الطبري مع التصرف (٦/٥٢٢).


الصفحة التالية
Icon