وأول ضلالهم وعظم جورهم وبغيهم أن عدلوا بربهم غيره، وجعلوا له شركاء، إذ جعلوه ثالث ثلاثة، وتارة جعلوا المسيح -عليه السلام- هو الإله، وأخرى ابن الإله، قال تعالى عن كفرهم وضلالهم: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) [المائدة: ١٧]، وقال في آية أخرى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: ٧٢].
وقال –عز وجل- في آية أخرى: (اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المائدة: ٧٣]، وقال سبحانه: (وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ)[التوبة: ٣٠].
والشرك بالله، واتخاذ غيره معه، من أعظم الظلم كما أخبر الحق تبارك وتعالى على لسان العبد الصالح لقمان: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: ١٣].
ولما نزل قوله –عز وجل-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام: ٨٢]، شق ذلك على الصحابة وقالوا: وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا قول العبد الصالح: (يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [إنما هو الشرك"(١).
نتائج البحث
