وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره قوله –عز وجل-: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، أي هو أعظم الظلم(١).
فإذا كان القوم قد ارتكبوا أعظم الظلم والجور وظلموا أنفسهم بجعلهم الله أندادًا ومعه شركاء فماذا نتوقع منهم –وقد ضلوا وظلموا- غير الظلم والجور في جل حياتهم، لأنه بنوا دينهم عليه، فلم يكونوا قائمين بالعدل والقسط فيما بينهم، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قصة المخزومية التي سرقت: "إنما ضل من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد"(٢)، يشملهم وإن كان هو في اليهود أظهر، وهؤلاء رهبانهم الذين هم عبادهم وعلماؤهم، وهم الصفوة فيهم والقدوة، والذين يفترض أن يكونوا أقرب القوم إلى العدل وعدم الظلم فإذا هم ظلمة جائرين معتدين على أموال الناس بالباطل كما أخبرنا الله بذلك عنهم، وكما يدل عليه واقع الكنائس وسيرتها يقول الله –عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ) [التوبة: ٣٤].
يقول الحافظ ابن كثير: (ذلك أنهم يأكلون الدنيا بالدين ومناصبهم ورياستهم في الناس، ويأكلون أموالهم بذلك)(٣).

(١) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٦/٣٣٨).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الحدود، باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان (١٢/٨٧ رقم ٦٧٨٨).
(٣) تفسير القرآن العظيم (٤/٨٠).


الصفحة التالية
Icon