يقول المستشرق توماس آرنولد: (... فإن اليعاقبة –وهم الأقباط- الذين كانوا يكونون السواد الأعظم من السكان المسيحيين، قد عوملوا معاملة مجحفة من أتباع المذهب الأرثوذكسي(١) التابعين للبلاط، الذين ألقوا في قلوبهم بذور السخط والحنق اللذين لم ينسهما أعقابهم حتى اليوم، كان بعضهم يعذب ثم يلقى بهم في اليم، وتبع كثير منهم بطريقهم إلى المنفى لينجوا من أيدي مضطهديهم، وأخفى عدد كبير منهم عقائدهم الحقيقية، وتظاهر بقبول قرار خلقدونية(٢).
وقد جلب الفتح الإسلامي إلى هؤلاء القبط – ذلك اللفظ الذي يطلق على المسيحيين من اليعاقبة في مصر – حياة تقوم على الحرية الدينية التي لم ينعموا بها قبل ذلك بقرن من الزمان)(٣).
وكثيرا ما كان الفتح الإسلامي مخلصا لكثير من طوائف النصاري من حقد واضطهاد وظلم، وبجانب عامل العدل والتسامح الذي عرف به الفاتحون المسلمون كان هذا من العوامل التي جعلت الكثير من المسيحيين يفضلون الحكم الإسلامي على حكم أبناء دينهم من أتباع الطوائف الأخرى(٤).
ثالثا: العدل فيما بينهم وبين غيرهم من الأمم:

(١) انظر محاضرات في النصرانية: لأبي زهرة (١٣٧).
(٢) نفس المصدر السابق، ص(١٣٧).
(٣) الدعوة إلى الإسلام (١٣٣).
(٤) انظر: وسطية أهل السنة بين الفرق (١٩٨).


الصفحة التالية
Icon