وإذا فتحنا ملفات التاريخ وجدنا النصارى قد بلغو منتهى الظلم والاضطهاد لمن يقع تحت حكمهم وسلطانهم من أهل الأديان الأخرى من قتلهم وترحيلهم واضطهادهم، وكانت أعمالهم الانتقامية سياسية ثابتة تستهدف إفناء الخصوم ومحو آثارهم، فقد ارتكبوا الكثير من المذابح التي دبرت ونفذت بوحشية بالغة ارتكبوا فظائع وجرائم يندي لها جبين الإنسانية ومن الشواهد التاريخية في ذلك ما فعلوه بسكان بيت المقدس إبان استيلائهم عليها، عندما تخاذل العبيديون للدفاع عنها، إذ اكتفى واليهم آنذاك –افتخار الدولة- بتأمين نجاته مع حرسه الخاص، وترك المدينة للصليبيين يعيثون فيها فسادًا، بعد أن دافع عنها دفاعا هزيلا، ذرا للرماد في العيون(١).
وإليك ما قاله (القس ريمند) وهو شاهد عيان من النصارى: (وشاهدنا أشياء عجيبة، إذ قطعت رؤوس عدد كبير من المسلمين، وقتل غيرهم رميا بالسهام، أو أرغموا على أن يلقوا بأنفسهم من فوق الأبراج، وظل بعضهم يعذب عدة أيام، ثم أحرق في النار، وكنت ترى في الشوارع أكوام الرؤوس والأيدي والأرجل والأقدام، وكان الإنسان أينما سار فوق جواده يسير بين جثث الرجال والخيال)(٢).

(١) أنظر: وسطية أهل السنة بين الفرق (١٩٩).
(٢) انظر: وول ديورانت، قصة الحضارة، (١٥/٢٥).


الصفحة التالية
Icon