(وقد استنفدت الكنيسة جهدها في إقناع المسلمين المقيمين في إسبانيا، لكي يرتدوا عن دينهم ويعتنقوا المسيحية دينا، وعلى غير جدوى ما بذلت من جهود، فاستجمعت محكمة التفتيش كل قواها، و اعتصمت بالجرأة والتعصب، وصبت عذابها على المسلمين في غير رفق ولا عدالة حتى اعتنق النصرانية من خر في ميدان الكفاح، وهاجر من خار بين التمسك بعقيدته، واحتمال آلام العذاب، وفي عام ١٦٠٩ و١٩١٠ تم إجلاء ألوف المسلمين عن إسبانيا بعد أن أغرقوا بدمهم أرضها، وكتبوا في المقاومة أنصع الصفحات في تاريخ الجهاد في سبيل الله)(١).
وأما في العصر الحاضر فأقرب الشواهد إلى الذاكرة على ظلم النصارى ومبلغ حقدهم واضطهادهم، ما فعله نصارى لبنان الموارنة ضد المسلمين الفلسطينيين في مخيمي (صبرا وشاتيلا) من مجازر ومذابح أودت بأرواح الآلاف من قاطني المخيمين مع ما صاحب ذلك من النهب والتدمير الشامل لمحتويات المخيمين وذلك عقب اجتياح الجيش اليهودي الصهيوني لمدينة بيروت وغيرها من المدن اللبنانية عام ١٩٨٢م، ١٤٠٢هـ.
يقول أحد شهود العيان: (... دفنت في يوم واحد عددًا إجماليا مائة وثلاثة جثث.. وعندما دخلت المخيم رأيت اللحم ملزقا على الحيطان وتستطيع أن تقول كل أساليب القتل قد استخدمت: الساطور، البارود، الرصاص، العصى، كاتم الصوت... وكان بين الضحايا من كان عمره تسعين سنة... ومن بين الذين دفناهم أطفال أعمارهم بين ٦-٧ سنوات ونساء من مختلف الأعمار، كانوا أي: النصارى –يقتلون كل شيء يتحرك أمامهم)(٢).

(١) انظر: قصة الاضطهاد الديني في المسيحية والإسلام (٧١-٧٢).
(٢) وجاء دور المجوس (٢/٥٨-٥٩).


الصفحة التالية
Icon