قال الدكتور صالح بن حميد: (والوسع ما يسع الإنسان فلا يعجز عنه ولا يضيق عليه ولا يحرج فيه، فقوله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) أي: لا يحملها إلا ما ت سعه وتطيقه ولا تعجز عنه أو يحرجها دون مدى غاية الطاقة، فلا يكلفها بما يتوقف حصوله على تمام صرف القدوة، فإن عامة أحكام الإسلام تقع في هذه الحدود، ففي طاقة الإنسان وقدرته الإتيان بأكثر من خمس صلوات وصيام أكثر من شهر، ولكن الله جلت قدرته ووسعت رحمته أراد بهذه الأمة اليسر ولم يرد بها العسر)(١).
ومن الأدلة على أن التكليف بحدود الوسع والطاقة قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [الأعراف: ٤٢] ويقول سبحانه في سورة المؤمنون: (لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا).
قال القاسمي: (فسة الله جارية على أنه لا يكلف النفوس إلا وسعها)(٢)، وجاء التأكيد على هذه القاعدة عند ذكر بعض الأحكام الفرعية فقال سبحانه: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا) [البقرة: ٢٣٣].
وكذلك في سورة الطلاق: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا) [الطلاق: ٧]، وكذلك أيضًا في سورة الأنعام: (وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) [الأنعام: ١٥٢].

(١) رفع الحرج في الشريعة الإسلامية (٦٩).
(٢) انظر: تفسير القاسمي (١٢/٤٤٠٥).


الصفحة التالية
Icon