بل قد بلغ الحال ببعض الصحابة رضوان الله عليهم، أن أرادوا الأخذ بعزائم الأمور ومخالفة الرسول في بعض ما كان يترخص به – ظنا منهم أنه طريق التقوى والخشية- وأن ترخصات النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة به لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وكأن هؤلاء القوم فهموا أن الأخذ بالأشد هو الأتقى وهو الأقرب إلى الله –سبحانه وتعالى-، لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوضح لهم أن الطريق الصحيح هو في الاتباع والاقتداء، وأن اتباع اليسر والسهولة والأخذ برخص الله هو منهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو أعلم الناس بشرعة وأشدهم له خشية(١).
٣- يوضح ذلك: ما روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أمرهم من الأعمال بما يطيقون قالوا: "إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه ثم يقول: "إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا"(٢).

(١) انظر: رفع الحرج في الشريعة (٨٣).
(٢) صحيح الباري، فتح الباري، كتاب الإيمان، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنا أعلمكم بالله، (١/٨٨-٨٩ رقم الحديث ٢٠).


الصفحة التالية
Icon