٧- وحينما نهي عليه الصلاة والسلام عن الوصال في الصيام: فقال له رجل من المسلمين: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: "وأيكم مثلي، إني أبيت يطعمني ربي ويسقين"، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم رأوا الهلال فقال: لو تأخر لزدتكم، كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا، وفي الرواية الأخرى قيل: إنك تواصل؟ قال: "إني أبيت يطعمني ربي ويسقين، فاكلفوا من العمل ما تطيقون"(١).
وتوجيهات رسول الله في هذا مما يجل عن الحصر في مثل هذا المقام فالسهولة والرفق والأخذ بالأيسر ومراعاة الأحوال ديدنة -صلى الله عليه وسلم-.
ثالثا: فهم الصحابة والتابعين لرفع الحرج في الشريعة:
أ- الصحابة:
صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هم الفئة الذين اختارهم الله ليشاهدوا تنزل الوحي، ويسمعوا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقواله، ويشاهدوا أفعاله ويأتمروا بأوامره مباشرة، ويسترشدوا بتوجيهاته ويقتدوا بتطبيقاته، فهم الذين عاشوا عصر النبوة، كما عاشوا الإسلام خالصا نقيا لذا فإن أفعالهم وأقوالهم نماذج عملية لإرادة تطبيق الإسلام النقي الصافي، وفي هذا المقام سأورد بعضا مما أثر عنهم مما يوضح جوانب عملية في التطبيق والفتوى في العصر الإسلامي الأول بكل ما يتمتع به من سهولة ويسر.
١- يقول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في وصف منهج إخوانه من الصحابة والاقتداء بهم: "من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة"، "أولئك أصحاب محمد كانوا أفضل هذه الأمة وأبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا، اختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم على أثرهم وسيرتهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم"(٢).
(٢) منهاج السنة لابن تيمية (١/١٦٦).