٢- وجه ابن الجوزي(١) أقوال العلماء في المراد بالصلاة الوسطي قائلا: وفي المراد بالوسطي ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها أوسط الصلوات محلا.
والثاني: أوسطها مقدارا.
والثالث: أفضلها.
ووسط الشيء خيره وأعدله، ومنه قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة: ١٤٣].
فإن قلنا إن الوسطي بمعنى الفضلي، جاز أن يدعي هذا كل ذي مذهب فيها، وإن قلنا: إنها أوسطها مقدارا، فهي المغرب، لأن أقل المفروضات ركعتان، وأكثرها أربعا، وإن قلنا: إنها أوسطها محلا، فللقائلين: إنها العصر أن يقولوا: قبلها صلاتان في النهار، وبعدها صلاتان في الليل، فهي الوسطي.
ومن قال هي الفجر، قال عكرمة(٢): هي وسط بين الليل والنهار، ومن قال هي الظهر، قال: هي وسط النهار فأما من قال: هي المغرب، فاحتج بأن أول صلاة فرضت الظهر، فصارت المغرب وسطى ومن قال: هي العشاء، فإنه قال: هي بين صلاتين لا تقصران(٣)، ومن خلال ما ذكرنا يتأكد ارتباط كل قول بمعنى الوسط في ضوء المعاني التي سبق بيانها.

(١) هو العلامة أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي القرشي البغدادي الحنبلي صاحب المصنفات الكبار، التي تبلغ نحو ثلاث مائة مصنف في الحديث والوعظ والتفسير والتاريخ وغيرها، توفى رحمه الله سنة ٥٩٧هـ، (انظر: البداية والنهاية ١٣/٢٨-٣٠، ومقدمة كتابه الموضوعات ١/٢١).
(٢) هو الإمام التابعي مولى ابن عباس عكرمة بن عبد الله أبو عبد الله البربري ثم المدني، أحد الأعلام المفسرين الكبير، كان كثير التنقل في الأقاليم، وكانت الأمراء تكرمه وتصله توفى سنة ١٠٧هـ، وقيل: ١٠٦هـ، انظر: ترجمته في العبر (١/١٠٠) والبداية والنهاية: (٩/٢٤٤-٢٥٠).
(٣) انظر: زاد المسير لابن الجوزي (١/٢٨٣).


الصفحة التالية
Icon