والنبوة والقرآن، والإنجيل: فالنبي إنما بعث لمنع من بعث إليهم من عبادة غير الله، ومن الوقوع في المعاصي والآثام، والقرآن والإنجيل وجميع الكتب السماوية التي أنزلها الله تتضمن ما يمنع الناس من الوقوع في الشرك وكل منكر وقبيح.
ومن فسر الحكمة بالمعرفة فهو مبني على أن المعرفة الصحيحة فيها معنى المنع، والتحديد، والفصل بين الأشياء، وكذلك الإتقان، فيه منع للشيء المتقن من تطرق الخلل والفساد إليه، وفي هذا المعنى قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (الإحكام هو الفصل والتمييز والفرق والتحديد الذي به يتحقق الشيء ويحصل إتقانه، ولهذا دخل فيه معنى المنع كما دخل في الحد بالمنع جزء معناه لا جميع معناه)(١).
ب- تعريف الحكمة في الاصطلاح الشرعي:
ذكر العلماء مفهوم الحكمة في القرآن الكريم والسنة النبوية(٢)، واختلفوا على أقوال كثيرة، فقيل: الحكمة هي النبوة وقيل: القرآن، والفقه به: ناسخة ومنسوخة، ومحكمة ومتشابهة، ومقدمه ومؤخره، وحلال وحرامه وأمثاله.
وقيل: الإصابة في القول والفعل: وقيل: معرفة لاحق والعمل به، وقيل: العلم النافع والعمل الصالح، وقيل: الخشية لله، وقيل: السنة، وقيل: الورع في دين الله، وقيل: العلم والعمل به، ولا يسمى الرجل حكيما إلا إذا جمع بينهما، وقيل: وضع كل شيء في موضعه، وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة(٣)، وقد ذكر بعضهم تسعة وعشرين قولا في تعريف الحكمة(٤).
(٢) انظر: البخاري مع الفتح، كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم والحكمة (١/١٦٥).
(٣) تفسير القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (١/٤٣٦، ٣/٦٠-٦١) تفسير البغوي (١/٢٥٦، ١/١١٦)، زاد المسير (١/٣٢٤) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/١٣١)، (٣/٦٠-٦١).
(٤) انظر: تفسير البحر المحيط (٢/٣٢٠).