والحكمة في كتاب الله نوعان(١): مفردة ومقرونة بالكتاب فالمفردة كقوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: ١٢٥]، وقوله تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) [البقرة: ٢٦٩]، وقوله سبحانه: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ للهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [لقمان: ١٢].
وهذه الحكمة فسرت بما تقدم من أقوال العلماء في تعريف الحكمة، وهذا النوع كثير في كتاب الله. أما الحكمة المقرونة بالكتاب، فهي السنة من أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله، وتقريراته، وسيرته، كقوله تعالى: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ) [البقرة: ١٢٩].
المبحث الثاني
العلاقة بين التعريف اللغوي والشرعي
عند التأمل والنظر نجد علاقة قوية بين المعنى اللغوي والشرعي فكلاهما يجعل العلم النافع، والعمل الصالح الصواب المحكم المتقن أصلا من أصول الحكمة، وعلى هذا فيكون التعريف الجامع المانع للحكمة هو: (الإصابة في القول والعمل والاعتقاد ووضع كل شيء في موضعه بإحكام وإتقان)(٢). والله أعلم.
(٢) انظر: الحكمة في الدعوة إلى الله، لسعيد القحطاني (٣٠).