النوع الثاني: حكمة عملية، وهي وضع الشيء في موضعه(١).
فالحكمة النظرية مرجعها إلى العلم والإدراك، والحكمة العملية مرجعها إلى فعل العدل والصواب، ولا يمكن خروج الحكمة عن هذين المعنيين؛ لأن كمال الإنسان في أمرين: أن يعرف الحق لذاته، وأن يعمل به، وهذا هو العلم النافع والعمل الصالح.
وقد أعطى الله -عز وجل- أنبياءه ورسله ومن شاء من عباده الصالحين هذين النوعين، قال تعالى عن إبراهيم -عليه السلام- (رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا) وهو الحكمة النظرية، (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [الشعراء: ٨٣)، وهو الحكمة العملية.
وقال تعالى لموسى -عليه السلام- (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا) [طه: ١٤]، وهو الحكمة النظرية (فَاعْبُدْنِي) وهو الحكمة العملية.
وقال عن عيسى -عليه السلام- (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) وهي الحكمة النظرية، (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) [مريم: ٣٠-٣١]، وهو الحكمة العملية.
وقال في شأن محمد -صلى الله عليه وسلم-: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) وهو الحكمة النظرية، (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ) [محمد: ١٩]، وهو الحكمة العملية(٢).
الحكمة العملية لها ثلاث درجات:
(٢) انظر: التفسير الكبير، للفخر الرازي، (٧/٦٨).