وقال علي بن أبي طالب، وابن عباس -رضي الله عنهما-: (استقاموا: أدوا الفرائض)(١) وقال الحسن: (استقاموا على أمر الله، فعملوا بطاعته، واجتنبوا معصيته). وقال مجاهد: (استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله حتى لحقوا بالله)(٢).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-: (استقاموا على محبته وعبوديته، فلم يلتفتوا عنه يمنة ولا يسرة)(٣).
وقال ابن القيم: (فالاستقامة كلمة جامعة، آخذة بمجامع الدين، وهي القيامة بين يدي الله على حقيقة الصدق، والوفاء، والاستقامة تتعلق بالأقوال، والأفعال، والأحوال والنيات، فالاستقامة فيها وقوعها لله، وبالله وعلى أمر الله، ثم قال: سمعت شيخ الإسلام -رحمه الله-: يقول: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة)(٤).
وهذه المعاني متقاربة، ويفسر بعضها بعضا.
وأختم الكلام عن الاستقامة بما قاله ابن القيم في مدارج السالكين مما يتضح معه علاقة الاستقامة بالوسطية، وأنه لا استقامة بلا وسطية، ولا وسطية بدون استقامة قال: (وهي – أي الاستقامة – على ثلاث درجات الدرجة الأولى: الاستقامة على الاجتهاد في الاقتصاد، ولا عاديا رسم العلم، ولا متجاوزًا حد الإخلاص، ولا مخالفا نهج السنة(٥).
قال ابن القيم شارحا قول الهروي(٦):

(١) تهذيب مدارج السالكين (٢/٥٢٨).
(٢) المرجع السابق (٢/٥٢٩).
(٣) المرجع السابق (٢/٥٢٩).
(٤) انظر: تهذيب مدارج السالكين.
(٥) انظر: المرجع السابق (٢/١٠٥).
(٦) هو أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي الحنبلي الصوفي المتوفى سنة ٤٨١هـ، من شيوخ الإمام ابن القيم: انظر: مقدمة تهذيب مدارج السالكين (١/٧).


الصفحة التالية
Icon