تقدم في سورة البقرة أن الوسط بمعنى الأعلى والخيار، وهو هنا بمنزلة بين المنزلتين، ونصفا بين طرفين.
وعن ابن عباس(١)، قال: كان الرجل يقوت أهله قوتا فيه سعة، وكان يقوت أهله قوتا فيه شدة، فنزلت: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) [المائدة: ٨٩]، وهذا يدل على أن الوسط ما ذكرناه، وهو ما كان بين شيئين(٢).
٤- وقال الزمخشري(٣) –رحمه الله-: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) من أقصده، لأن منهم من يسرف في إطعام أهله، ومنهم من يقتر(٤).
٥- وقال سيد قطب –رحمه الله- في ظلال القرآن: (وأوسط تحتمل من أحسن، أو من متوسط، فكلاهما من معاني اللفظ، وكان الجمع بينهما لا يخرج عن القصد، لأن المتوسط هو الأحسن، فالوسط هو الأحسن في ميزان الإسلام(٥).
الثانية: آية سورة القلم:

(١) هو الصحابي الجليل عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، حبر الأمة، وترجمان القرآن، ولد بشعب أبي طالب قبل الهجرة بثلاث سنوات، وقيل: بخمس، ويعد من علماء الصحابة ومفتيهم -رضي الله عنهم- أجمعين، توفى بالطائف سنة ٦٨ من الهجرة، الاستيعاب لابن عبد البر (٣/٩٣٣-٩٣٩).
(٢) انظر: تفسير القرطبي: (٦/٢٧٦).
(٣) هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي الحنفي المعتزلي الملقب بجار الله، حجة في البلاغة، ومن أئمة اللغة له تفسير يسمي: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، ولد عام ٤٦٧هـ، وتوفى عام ٥٣٨هـ، انظر ترجمته في الميزان: ٤/٧٨، تذكرة الحفاظ (٤/١٢٨٣).
(٤) انظر: الكشاف للزمخشري (١/٦٤٠).
(٥) انظر: في ظلال القرآن (٢/٩٧١).


الصفحة التالية
Icon