والمراد بهذا الحديث واضح، وهو أن الوسط فسر هنا بالعدل، وهو المقابل للظلم، حيث إن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، شهدوا بما علموا، (وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا ) [يوسف: ٨١] وهو الحق، فلم تكن شهادتهم لهوى مع نوح –عليه السلام- وحاشاهم من ذلك- ولم يشهدوا مع قوم نوح بالباطل، وأني لهم ذلك، وهذا هو العدل؛ لأن الظلم له طرفان والعدل وسط بينهما، فالشهادة مع أحد الخصمين بدون حق ظلم والشهادة بالحق دون النظر لصاحبه عدل، فأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ممن قال الله فيهم (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) [الأعراف: ١٨١].
٢- روى الترمذي(١) –رحمه الله-: (قال لما نزل قوله تعالى: (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ

(١) أبو عيسي محمد بن عيسي بن سورة السلمي الترمذي، ولد بترمذ سنة ٢٠٩، وهو مؤلف كتاب في الحديث من الكتب الستة اسمه الجامع على أبواب الفقه واشتمل على الصحيح والحسن والضعيف وشرحه كثير من العلماء، توفى عام ٢٧٩ هـ، انظر ترجمته في الميزان (١/١١٧).


الصفحة التالية
Icon