وكذلك البينية – أيضًا- فليس كل شيئين أو أشياء يعتبر وسيطا وإن كان وسطا، فقد يكون التوسط حسيا أو معنويا، ولا يلزم بالوسطية كوسط الزمان أو المكان أو الهيئية ونحو ذلك؛ ولكن كل أمر يوصف بالوسطية فلابد أن يكون بينيا حسا أو معنى.
ومن هنا نخلص إلى أن أي أمر اتصف بالخيرية والبينية جميعا فهو الذي يصح أن نطلق عليه وصف: الوسطية، وما عدا ذلك فلا، وإلى هذا الرأي ذهب الدكتور ناصر بن سليمان العمر في كتابه الوسطية في ضوء القرآن(١).
وإليك بعض الأمثلة توضح ما ذهبت إليه:
١- جاء وصف هذه الأمة بالوسطية في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة: ١٤٣]، وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه فسر الوسط بالعدل(٢).
وفي رواية: عدولا(٣) والمعنى واحد.
٢- وإذا نظرنا في تفسيرها بمعني العدل وجدناه يتضمن معنى الخيرية، والعدل كذلك يقابله الظلم، والظلم له طرفان، فإذا مال الحاكم إلى أحد الخصمين فقد ظلم، والعدل وسط بينهما، دون حيف إلى أي منهما(٤).

(١) انظر الوسطية في ضوء القرآن (٤١-٤٢).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب: وكذلك جعلناكم أمة وسطا، (٥/١٧٦، رقم ٤٤٨٧).
(٣) انظر: تفسير الطبري (٢/٧).
(٤) أخرجه الترمذي كتاب تفسير القرآن، باب (٣) من سورة البقرة (٥/١٩٠، ٢٩٦١).


الصفحة التالية
Icon