٣- وما رواه أبو داود(١) قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان، من عبد الله وحده، وعلم أنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه، رافدة عليه كل عام، ولم يعط الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة، ولا الشرط اللئيمة ولكن من وسط أموالكم، فإن الله لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشره"(٢).
وهنا نجد أن الوسطية واضحة في هذا الحديث النبوي، فالبينية صريحة في الحديث، أما الخيرية فهي ظاهرة بالتأمل من خلال ما يلي:
١- أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك دليل على هذه الخيرية فلا يأمر -صلى الله عليه وسلم- إلا بخير: (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) [الأعراف: ٢٩]، وهل أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا شرع من الله يوحي إليه.
٢- أننا عندما نريد أن ن ستخرج معنى الخيرية في السمينة السليمة الأفضل مما هو من أجود الأغنام وأغلاها.
وإذا نظرنا إلى خيرية الغني – في الدنيا- قلنا إن الأسهل عليه أن يخرج الضعيفة الهزيلة ونحوها. ولكن الخيرية الكاملة أن ننظر إلى مصلحة الفقير ومصلحة الغني – صاحب المال- جميعا، دون ترجيح لإحدى المصلحتين على الأخرى، وهذه هي الوسطية، وذلك باستخراج ما بين أفضلها وأضعفها – هي الوسط- وذلك مثل قوله تعالى: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ) [المائدة: ٨٩] هنا اتضح التلازم بين الخيرية والبينية في تحقيق معني الوسطية.

(١) هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأسدي السجستاني ولد سنة ٢٠٢، قال فيه الحاكم أبو عبد الله: كان أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة، وكانت وفاته بالبصرة عام ٢٧٥، وهو من أصحاب الكتب الستة، وقد شرحت سنن أبو داود، ومن أشهرها عون المعبود، انظر: السنة ومكانتها في التشريع (٤٥١).
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب الزكاة، باب زكاة السائمة (٢/١٠٣)، رقم الحديث (١٩٨٢)، صححه الألباني –رحمه الله- في السلسلة الصحيحة (١٠٤٦).


الصفحة التالية
Icon