وتأمل معني ما قاله الشيخ محمد رشيد رضا –رحمه الله-: (قالوا إن الوسط هو العدل والخيار، وذلك أن الزيادة على المطلوب في الأمر إفراط، والنقص عنه تفريط وتقصير، فالخيار هو الوسط بين طرفي أي: المتوسط بينهما)(١).
وذهب الدكتور زيد عبد الكريم الزيد(٢) في كتابة الوسطية في الإسلام إلى ما ذكرته وقررته، حيث قال:
الوسط من كل شيء أعدله، فالوسط إذن ليس مجرد كونه نقطة بين طرفين، أو وسطية جزئية، كما يقال فلان وسط في كرمه، أو وسط في دراسته ويراد أنه وسط بين الجيد والرديء، فهذا المفهوم وإن درج عند كثير من الناس، فهو فهم ناقص مجتزأ، أدى إلى إساءة فهم معنى الوسطية المقصودة.
وعلى هذا فالوسط المراد والمقصود هنا هو العدل الخيار والأفضل إلى أن قال: وبالتالي لم يبق معنى الوسطية مجرد التجاوز بين الشيئين فقط، بل أصبح ذا مدلول أعظم، ألا وهو البحث عن الحقيقة، وتحصيلها والاستفادة منها.
ثم يقول: وهو معنى يتسع ليشمل كل خصلة محمودة لها طرفان مذمومان، فإن السخاء وسط بين البخل والتبذير، والشجاعة وسط يبن الجبن والتهور، والإنسان مأمور أن يتجنب كل وصف مذموم، وكلا الطرفين هنا وصف مذموم ويبقى الخير والفضل للوسط(٣).

(١) انظر: تفسير المنار (٢/٤).
(٢) هو زيد بن عبد الكريم الزيد من مواليد (١٣٧٥هـ) بالمملكة العربية السعودية تخرج في كلية الشريعة من الرياض عام ١٣٩٨ هـ، وتحصل على الماجستير من المعهد العالي للقضاء ١٤٠٥هـ، وشهادة الدكتوراه عام ١٤٠٧هـ، وعمل في الدعوة خارج السعودية أكثر من أربع سنوات، وتولى مناصب في الجامعة بالرياض آخرها عميد لكلية الدعوة والإعلام ١٤١١ هـ، ا نظر ترجمته في كتابة الوسطية في الإسلام على آخر الغلاف.
(٣) انظر: الوسطية في الإسلام (١٨) وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon