وقال بعضهم: غلوت في الأمر غلوًا وغلانية وغلانيا إذا جاوزت فيه الحد وأفرطت فيه وفي الحديث: "إياكم والغلو في الدين.."(١) أي التشدد فيه ومجاوزة الحد، كالحديث الآخر: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق".
وغلا السهم نفسه: ارتفع في ذهابه وجاوز المدى، وكله من الارتفاع والتجاوز. ويقال للشيء إذا ارتفع: قد غلا، وغلا النبت: ارتفع وعظم(٢)، هذا معنى الغلو في اللغة: وقد جاءت آيتان في القرآن الكريم فيهما النهي عن الغلو بلفظه الصريح، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ) [النساء: ١٧١].
قال الإمام الطبري –رحمه الله-:
(لا تجاوزوا الحق في دينكم فتفرطوا فيه، وأصل الغلو في كل شيء مجاوزة حده الذي هو حده، يقال منه في الدين غلا فهو يغلو غلوا)(٣).
وقال ابن الجوزي –رحمه الله- في تفسير هذه الآية، والغلو: الإفراط ومجاوزة الحد ومنه غلا السعر، وقال: الغلو: مجاوزة القدر في الظلم.
وغلو النصارى في عيسى قول بعضهم: هو الله، وقول بعضهم: هو ابن الله، وقول بعضهم هو ثالث ثلاثة، وعلى قول الحسن: غلو اليهود فيه قولهم إنه لغير رشدة، وقال بعض العلماء لا تغلو في دينكم بالزيادة في التشدد فيه(٤).

(١) أخرجه ابن ماجه، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي (٢/١٠٠٨، رقم ٢٠٢٩).
(٢) لسان العرب، فصل الغين، باب غلا (١٥/١٣١).
(٣) انظر: تفسير الطبري (٦/٤٣).
(٤) انظر: زاد المسير (٢/٢٦٠).


الصفحة التالية
Icon