ما رواه أنس بن مالك(١) –رضي الله عنه- قال: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- المسجد فإذا حبل ممدود بين ساريتين فقال: "ما هذا الحبل؟" فقالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت به، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حلوه ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد"(٢).
قال ابن حجر –رحمه الله- في شرحه لهذا الحديث: وفيه الحث على الاقتصاد في العبادة، والنهي عن التعمق فيها(٣).
ب- تحريم الطيبات التي أباحها الله على وجه التعبد، أو ترك الضرورات أو بعضها ومن أدلة ذلك قصة النفر الثلاثة، حيث روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: أين نحن من النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدًا، قال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا.
فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"(٤).

(١) هو أنس بن مالك الأنصاري، ثالث الرواة المكثرين من الصحابة، فقد روى (٢٢٨٦) حديثا وهو خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمه أم سليم الأنصارية، قال فيه أبو هريرة -رضي الله عنه- ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ابن أم سليم، وقال فيه ابن سيرين: أحسن الناس صلاة في الحضر والسفر. توفى عام (٩٣هـ): انظر: طبقات ابن سعد (٧/١٠) تهذيب ابن عساكر (٣/١٣٩).
(٢) رواه البخاري: كتاب التهجد، باب ما يكره من التشدد في العبادة (٢/٦١ رقم ١١٥٠).
(٣) فتح الباري، كتاب التهجد، باب ما يكره من التشدد في العبادة (٣/٧).
(٤) رواه مسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح، (٣/١٠٢٠ رقم ١٤٠٢).


الصفحة التالية
Icon