أن كل أمر اتصف بالتفريط أو بالجفاء فإنه يخالف الوسطية، وبمقدار اتصافه بأي من هذين الوصفين يكون بعده عن الوسطية وتجافيه عنها.
المبحث الثالث الصراط المستقيم
إننا بدون فهم معنى (الصراط المستقيم)، وتحديد مدلوله، لا نستطيع فهم الوسطية على معناها الصحيح، وقد ورد لفظ الصراط المستقيم، في القرآن الكريم عشرات المرات، وجاء أيضًا بلفظ (صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) [الفتح: ٢]، و(صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) [الأعراف: ١٦]، (صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا) [الأنعام: ١٥٣] ونحو ذلك.
ففي سورة الفاتحة نجد قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة: ٥]. ثم يفسره بأنه (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: ٧].
وفي البقرة جاء قوله تعالى: (يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [البقرة: ١٤٢] وجاء بعد هذه الآية مباشرة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) [البقرة: ١٤٣]، وسيأتي بيان العلاقة بين هاتين الآيتين، وعيسى –عليه السلام-، في سورة آل عمران يقول لقومه: (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) [آل عمران: ٥١].
ونجد أن سورة الأنعام من أكثر السور التي ورد فيها الحديث عن الصراط المستقيم (مَن يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الأنعام: ٣٩]، (وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الأنعام: ٨٧]، (وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا ) [الأنعام: ١٢٦]، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ) [الأنعام: ١٥٣]، (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الأنعام: ١٦١].


الصفحة التالية
Icon