واختلفت عبارات المفسرين من السلف والخلف في تفسير الصراط، وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد، وهو المتابعة لله ورسوله(١).
وإليك أقوال المفسرين في الصراط المستقيم:
فقد روى الطبري عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ذكر القرآن فقال: "هو الصراط المستقيم"(٢).
وقال علي: الصراط المستقيم، كتاب الله تعالى.
وبمثل ذلك فسره عبد الله بن م سعود -رضي الله عنه- وقال جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: اهدنا الصراط المستقيم الإسلام، قال: هو أوسع مما بين السماء والأرض، وقال ابن عباس: ذلك الإسلام، وقال ابن عباس -رضي الله عنه- هو الطريق(٣).
وقال القاسمي -رحمه الله-: أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في مبحث له مهم ننشره عنه هنا لما فيه من الفوائد الجلية، قال -رحمه الله-: ينبغي أن يعلم أن الاختلاف الواقع من المفسرين وغيرهم على وجهين: أحدهما ليس فيه تضاد وتناقض، بل يمكن أن يكون كل منهما حقا، وإنما هو اختلاف تنوع، أو اختلاف في الصفات أو العبادات وعامة الاختلاف الثابت بين مفسري السلف من الصحابة والتابعين هو من هذا الباب، فالله –سبحانه وتعالى- إذا ذكر القرآن اسما مثل قوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة: ٥]، فكل من المفسرين يعبر عن الصراط المستقيم بعبارة يدل بها على بعض صفاته، وكل ذلك حق، بمنزلة ما يسمى الله ورسوله، وكتابته بأسماء كل اسم منها يدل على صفة من صفاته.

(١) انظر: تفسير ابن كثير (١/٢٧).
(٢) أخرجه الترمذي كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل القرآن، (٥/١٥٨ رقم ٢٩٠٦)، وإسناده مجهول، وفي الحارث مقال، وأخرجه أيضًا الدارمي (٢/٥٢٧ رقم ٣٣٣٢)، وأخرجه أحمد مختصرًا (١/٩١) قال الحافظ ابن كثير في فضائل القرآن (١١-١٢) وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين -رضي الله عنه- وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير (١/٢٧).


الصفحة التالية
Icon