وهذا من أعظم ما كانت به هذه الأمة خير أمة أخرجت الناس، فهو من أظهر خصائصها، وأبرز ما تتميز به عن سائر الأمم، ولذلك قدمهما الله –عز وجل- في الذكر على الإيمان به تعالى، مع كونه –أي الإيمان- متقدما عليهما في الوجود والرتبة، فقال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) [آل عمران: ١١٠]، وقد أمر الله هذه الأمة بأن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأن يكون فيها من يقوم بذلك فقال –عز وجل-: (وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: ١٠٤]، كما أوجب النبي –صلى الله عليه وسلم- ذلك على أمته على حسب الاستطاعة وهي مراتب فقال: "من رأي منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"(١).
قال الإمام النووي -رحمه الله-: وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- "فليغره" فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهو أيضًا من النصيحة التي هي الدين، ولم يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة، ولا يعتد بخلافهم.. ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام ه بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف(٢).

(١) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب النهي عن المنكر (١/٦٩، رقم ٤٩).
(٢) شرح النووي مع مسلم كتاب الإيمان، باب وجوب الأمر بالمعروف (٢/٢٢-٢٣).


الصفحة التالية
Icon