فلما قامت هذه الأمة بهذا الأمر مع تقصير غيرها من الأمم وتفريطها فيه، كانت جديرة بما أثبته الله ورسوله لها من الخيرية، إذ خير الناس آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الإمام أحمد في مسنده عن درة(١) بنت أبي لهب قالت: "قام رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر فقال: يا رسول الله، أي الناس خير؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "خير الناس أقرؤهم وأتقاهم، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر، وأوصلهم للرحم"(٢).
الوجه الثالث: كونها خير الأمم للناس وأنفعهم لهم:
وذلك أن هذه الأمة لما قامت بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان من أعظم المعروف الذي تأمر به الإيمان بالله –عز وجل- وعبادته وحده، ومن أنكر المنكر الذي تنهي عنه وتحذر الناس منه: الإشراك بالله و عبادة غيره من دونه، كما قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: "تأمرونهم بالمعروف، أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، والإقرار بما أنزل الله، وتقاتلوهم عليهن ولا إله إلا الله هو أعظم المعروف، وتنهونهم عن المنكر، والمنكر هو التكذيب، وهو أنكر المنكر"(٣).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٦/٤٣٢).
(٣) انظر: تفسير الطبري (٧/١٠٥).