إنما كانت في الواقع تدعو الناس إلى ما فيه نفعهم ونجاتهم، وتنهاهم عما فيه هلاكهم، باذلة في سبيل ذلك النفس والنفيس، ليس لها هدف إلا القيام بما أوجبه الله عليها من هداية الخلق إلى طريق النجاة، وإخراجهم من ظلمات الجهل والشك، والوثنية، إلى نور التوحيد والإيمان، وتحريرهم من عبودية العباد إلى عبودية الخالق جل وعلا، كما قال ربعي بن عامر(١) -رضي الله عنه- لرستم(٢) قائد الفرس لما سأله: ما جاء بكم؟ قال: الله ابتعثنا، والله جاء بنا، لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه يليها دوننا، ومن أبي قاتلناه حتى تفضي إلى موعود الله، قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبي، والظفر لمن بقي(٣)...

(١) هو: ربيعي بن عامر بن خالد، أمد به عمر المثني بن حارثة، وكان من أشراف العرب، وكان على مجنية جيش أبي عبيدة إلى العراق، وله ذكر في غزوة نهاوند، وولاء الأحنف بن قيس لما فتح خراسان على صخارستان، قال ابن حجر: وقد تقدم غير مرة أنهم كانوا لا يؤمرون إلا الصحابة انظر الإصابة (١/٥٠٣).
(٢) انظر: رستم بن الفرخزاد الأرمني، قائد الفرس في القادسية، انظر ابن كثير، البداية والنهاية (٧/٣٨).
(٣) انظر: تاريخ الأمم والملوك للطبري (٣/٥٢٠)، وانظر: البداية والنهاية (٧/٤٠).


الصفحة التالية
Icon