يقول الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- في هذا المعني: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قال: خير الناس للناس، تأتون بهم السلاسل في أعناقهم حتى يدخلون في الإسلام(١)، وكذا قال غير واحد من السلف كابن عباس(٢) ومجاهد، وعكرمة وغيرهم(٣).
الوجه الرابع: كونهم أكثر الناس استجابة للأنبياء:
أشار إلى هذا الوجه الإمام ابن جرير -رحمه الله-: بقوله: (وقال آخرون إنما قيل: () لأنهم أكثرهم الأمم استجابة للإسلام، ثم روى عن الربيع(٤) أنه قال في الآية: لم تكن أمة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمة فمن ثم قال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)(٥).
يدلل على ذلك ما جاء في الحديث الصحيح من كونه -صلى الله عليه وسلم- أكثر الأنبياء تبعا، كما في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن من الأنبياء نبيا ما يصدقه من أمته إلا رجل واحد"(٦).
وعنه أيضًا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة وأنا أول من يقرع باب الجنة"(٧).
(٢) انظر: الدر المنثور، للسيوطي، (٤/٢٩٤).
(٣) انظر: تفسير ابن كثير (٢/٧٧).
(٤) هو: الربيع بن أنس البكري البصري، ثم الخراساني روى عن أنس بن مالك وأبي العالية، قال العجلي: "صدوق" وقال أبو حاتم: "صدوق" وهو أحب إلي من أبي العالية، وقال النسائي: ليس به بأس، توفى سنة ١٣٩، وقيل: (١٤٠هـ)، انظر: تهذيب التهذيب (٣/٢٣٨).
(٥) انظر: تفسير الطبري (٧/١٠٣).
(٦) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة (١/١٨٨)، رقم الحديث (٣٣٢).
(٧) نفس المصدر والجزء والصفحة، رقم الحديث (٣٣١).