وقوله –عز وجل-: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: ٧٨]، وذلك لأن الله –عز وجل- لم يتكل بحفظها، وإنما وكل ذلك إلى أهلها فضيعوا وحرفوا وبدلوا، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ) [المائدة: ٤٤].
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: (فإن قيل: ما الفرق بين التوراة والقرآن، فإن كلا منهما كلام الله أنزله على رسول من رسله صلوات الله عليهم، والتوراة حرفت، وبدلت.. والقرآن محفوظ من التبديل والتحريف، ولو حرف منه أحد حرفا واحدًا فأبدله بغيره أو زاد فيه حرفا أو نقص منه آخر لرد عليه آلاف الأطفال من صغار المسلمين فضلا عن كبارهم.
قال: فالجواب: أن الله استحفظهم التوراة، واستودعهم إياها، فخانوا الأمانة ولم يحفظوها، بل ضيوعها عمدا، والقرآن العظيم لم يكل الله حفظه إلى أحد حتى يمكنه تضييعه، بل تولى حفظه جل وعلا بنفسه الكريمة المقدسة كما أوضحه بقوله: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وقوله: (لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت: ٤٢] إلى غير ذلك من الآيات)(١).
٣- إنه الكتاب المهيمن على الكتب قبله:

(١) انظر: أضواء البيان (٢/٨٩-٩٠).


الصفحة التالية
Icon